الأربعاء، 17 نوفمبر 2021

صفة الدجال ، قبحه الله ولعنه وأخزاه وأخساه


صفة الدجال ، قبحه الله ولعنه وأخزاه وأخساه

قد تقدم في الأحاديث أنه أعور ، وأنه أزهر هجان فيلماني ، وهو كثير الشعر ، وفي بعض الأحاديث أنه قصير أفحج . وفي حديث أنه طويل ، وجاء أن ما بين أذني حماره أربعون ذراعا ، كما تقدم في حديث جابر ، ويروى في حديث آخر : سبعون باعا . ولا يصح ، وفي الأول نظر .


وقال عبدان في كتاب " معرفة الصحابة " : روى سفيان الثوري ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن حوط العبدي ، عن ابن مسعود ، قال : أذن حمار الدجال تظل سبعين ألفا .

قال شيخنا الحافظ الذهبي : حوط مجهول ، والخبر منكر .

وإن بين عينيه مكتوب كافر ، يقرؤه كل مؤمن ، وإن رأسه من ورائه كأنه أصلة - أي حية - لعله طويل الرأس .

وقال حنبل بن إسحاق : حدثنا حجاج ، حدثنا حماد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة قال : دخلت المسجد ، فإذا الناس قد تكابوا على رجل ، فسمعته يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن بعدي الكذاب المضل ، وإن رأسه من [ ص: 209 ] ورائه حبك حبك " . وقد تقدم له شاهد من وجه آخر ، ومعنى حبك أي : جعد خشن ، كقوله : والسماء ذات الحبك [ الذاريات : 7 ] .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا المسعودي وأبو النضر ، حدثنا المسعودي ، المعنى ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خرجت إليكم ، وقد بينت لي ليلة القدر ، ومسيح الضلالة . فكان تلاح بين رجلين بسدة المسجد ، فأتيتهما; لأحجز بينهما ، فأنسيتهما ، وسأشدو لكم منهما شدوا ، أما ليلة القدر فالتمسوها في العشر الأواخر وترا ، وأما مسيح الضلالة ، فإنه أعور العين ، أجلى الجبهة ، عريض النحر ، فيه دفا ، كأنه قطن بن عبد العزى " . قال : يا رسول الله ، هل يضرني شبهه؟ قال : " لا . أنت امرؤ مسلم ، وهو امرؤ كافر " . تفرد به أحمد; وإسناده حسن .

وقال الطبراني : حدثنا أبو شعيب الحراني ، حدثنا إسحاق بن موسى ( ح ) ، وحدثنا محمد بن شعيب الأصبهاني ، حدثنا سعيد بن عنبسة قالا : حدثنا [ ص: 210 ] سعيد بن محمد الثقفي ، حدثنا حلام بن صالح ، أخبرني سليمان بن شهاب العبسي قال : نزل علي عبد الله بن مغنم ، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الدجال ليس به خفاء ، إنه يجيء من قبل المشرق ، فيدعو إلى حق ، فيتبع ، وينتصب للناس فيقاتلهم ، فيظهر عليهم ، فلا يزال على ذلك حتى يقدم الكوفة ، فيظهر دين الله ، ويعمل به ، فيتبع ويحب على ذلك ، ثم يقول بعد ذلك : إني نبي . فيفزع من ذلك كل ذي لب ويفارقه ، فيمكث بعد ذلك ، حتى يقول : أنا الله . فتعمش عينه ، وتقطع أذنه ، ويكتب بين عينيه كافر ، فلا يخفى على كل مسلم ، فيفارقه كل أحد من الخلق في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، ويكون أصحابه وجنوده المجوس واليهود والنصارى ، وهذه الأعاجم من المشركين ، ثم يدعو برجل فيما يرون ، فيؤمر به فيقتل ، ثم يقطع أعضاءه ، كل عضو على حدة ، فيفرق بينها حتى يراه الناس ، ثم يجمع بينها ، ثم يضربه بعصاه ، فإذا هو قائم ، فيقول : أنا الله ، أحيي وأميت ، وذلك كله سحر يسحر به أعين الناس ، ليس يصنع من ذلك شيئا " .

قال شيخنا الذهبي : ورواه يحيى بن موسى خت ، عن سعيد بن محمد الثقفي ، وهو واه ، وعن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، أنه قال في الدجال : هو صافي بن صائد ، يخرج من يهودية أصبهان على حمار أبتر ، ما بين [ ص: 211 ] أذنيه أربعون ذراعا ، وما بين حافره إلى الحافر الآخر أربع ليال ، يتناول السماء بيده ، أمامه جبل من دخان ، وخلفه جبل آخر ، مكتوب بين عينيه كافر ، يقول : أنا ربكم الأعلى ، أتباعه أصحاب الربا وأولاد الزنا . رواه أبو عمرو الداني في كتاب " أخبار الدجال " ، ولا يصح إسناده 

 
قوله تعالى : والسماء ذات الحبك إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك قتل الخراصون الذين هم في غمرة ساهون يسألون أيان يوم الدين يوم هم على النار يفتنون ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون

قوله تعالى : والسماء ذات الحبك قيل : المراد بالسماء هاهنا السحب التي تظل الأرض . وقيل : السماء المرفوعة . ابن عمر : هي السماء السابعة ; ذكره المهدوي والثعلبي والماوردي وغيرهم . وفي الحبك أقوال سبعة : الأول : قال ابن عباس وقتادة ومجاهد والربيع : ذات الخلق الحسن المستوي . وقاله عكرمة ; قال : ألم تر إلى النساج إذا نسج الثوب فأجاد نسجه ; يقال منه حبك الثوب يحبكه بالكسر حبكا أي أجاد نسجه . قال ابن الأعرابي : كل شيء أحكمته وأحسنت عمله فقد احتبكته . والثاني : ذات الزينة ; قاله الحسن وسعيد بن جبير . وعن الحسن أيضا : ذات النجوم وهو الثالث . الرابع : قال الضحاك : ذات الطرائق ; يقال لما تراه في الماء والرمل إذا أصابته الريح حبك . ونحوه قول الفراء ; قال : الحبك تكسر كل شيء كالرمل إذا مرت به الريح الساكنة ، والماء القائم إذا مرت به الريح ، ودرع الحديد لها حبك ، والشعرة الجعدة تكسرها حبك . وفي حديث الدجال : أن شعره حبك . قال زهير :


مكلل بأصول النجم تنسجه ريح خريق لضاحي مائه حبك ولكنها تبعد من العباد فلا يرونها . الخامس : ذات الشدة ؛ قاله ابن زيد ، وقرأ وبنينا فوقكم سبعا شدادا . والمحبوك الشديد الخلق من الفرس وغيره ، قال امرؤ القيس
قد غدا يحملني في أنفه لاحق الإطلين محبوك ممر
وقال آخر
مرج الدين فأعددت له مشرف الحارك محبوك الكتد
[
ص: 32 ] وفي الحديث : أن عائشة رضي الله عنها كانت تحتبك تحت الدرع في الصلاة ; أي تشد الإزار وتحكمه . السادس : ذات الصفاقة ; قاله خصيف ، ومنه ثوب صفيق ووجه صفيق بين الصفاقة . السابع : أن المراد بالطرق المجرة التي في السماء ; سميت بذلك لأنها كأثر المجر . و " الحبك " جمع حباك ، قال الراجز

كأنما جللها الحواك طنفسة في وشيها حباك
والحباك والحبيكة الطريقة في الرمل ونحوه . وجمع الحباك حبك وجمع الحبيكة حبائك ، والحبكة مثل العبكة وهي الحبة من السويق ، عن الجوهري . وروي عن الحسن في قوله : ذات الحبك " الحبك " و " الحبك " و " الحبك " و " الحبك " و " الحبك " وقرأ أيضا " الحبك " كالجماعة . وروي عن عكرمة وأبي مجلز " الحبك " . و " الحبك " واحدتها حبيكة ; و " الحبك " مخفف منه . و " الحبك " واحدتها حبكة . ومن قرأ " الحبك " فالواحدة حبكة كبرقة وبرق أو حبكة كظلمة وظلم . ومن قرأ " الحبك " فهو كإبل وإطل و " الحبك " مخففة منه . ومن قرأ " الحبك " فهو شاذ إذ ليس في كلام العرب فعل ، وهو محمول على تداخل اللغات ، كأنه كسر الحاء ليكسر الباء ثم تصور الحبك فضم الباء . وقال جميعه المهدوي .

قوله تعالى : إنكم لفي قول مختلف هذا جواب القسم الذي هو " والسماء " أي إنكم يا أهل مكة في قول مختلف في محمد والقرآن فمن مصدق ومكذب . وقيل : نزلت في المقتسمين . وقيل : اختلافهم قولهم : ساحر ، بل شاعر ، بل افتراه ، بل هو مجنون ، بل هو كاهن ، بل هو أساطير الأولين . وقيل : اختلافهم أن منهم من نفى الحشر ومنهم من شك فيه . وقيل : المراد عبدة الأوثان والأصنام يقرون بأن الله خالقهم ويعبدون غيره .

قوله تعالى : يؤفك عنه من أفك أي : يصرف عن الإيمان بمحمد والقرآن من صرف ; عن الحسن وغيره . وقيل : المعنى يصرف عن الإيمان من أراده بقولهم هو سحر وكهانة وأساطير الأولين . وقيل : المعنى يصرف عن ذلك الاختلاف من عصمه الله . أفكه يأفكه أفكا أي قلبه وصرفه عن الشيء ; ومنه قوله تعالى : أجئتنا لتأفكنا . وقال مجاهد : معنى يؤفك عنه من أفك يؤفن عنه من أفن ، والأفن فساد العقل . الزمخشري : وقرئ " يؤفن عنه من أفن " أي يحرمه من حرم ; من أفن الضرع إذا أنهكه حلبا . وقال قطرب : يخدع عنه من [ ص: 33 ] خدع . وقال اليزيدي : يدفع عنه من دفع . والمعنى واحد وكله راجع إلى معنى الصرف .

قوله تعالى : قتل الخراصون في التفسير : لعن الكذابون . وقال ابن عباس : أي قتل المرتابون ; يعني الكهنة . وقال الحسن : هم الذين يقولون لسنا نبعث . ومعنى قتل أي هؤلاء ممن يجب أن يدعى عليهم بالقتل على أيدي المؤمنين . وقال الفراء : معنى قتل لعن ; قال : و " الخراصون " الكذابون الذين يتخرصون بما لا يعلمون ; فيقولون : إن محمدا مجنون كذاب ساحر شاعر ; وهذا دعاء عليهم ; لأن من لعنه الله فهو بمنزلة المقتول الهالك . قال ابن الأنباري : علمنا الدعاء عليهم ; أي قولوا : قتل الخراصون وهو جمع خارص والخرص الكذب والخراص الكذاب ، وقد خرص يخرص بالضم خرصا أي كذب ; يقال : خرص واخترص ، وخلق واختلق ، وبشك وابتشك ، وسرج واسترج ، ومان ، بمعنى كذب ; حكاه النحاس . والخرص أيضا حزر ما على النخل من الرطب تمرا . وقد خرصت النخل والاسم الخرص بالكسر ; يقال : كم خرص نخلك والخراص الذي يخرصها فهو مشترك . وأصل الخرص القطع على ما تقدم بيانه في " الأنعام " ومنه الخريص للخليج ; لأنه ينقطع إليه الماء ، والخرص حبة القرط إذا كانت منفردة ; لانقطاعها عن أخواتها ، والخرص العود ; لانقطاعه عن نظائره بطيب رائحته . والخرص الذي به جوع وبرد لأنه ينقطع به ، يقال : خرص الرجل بالكسر فهو خرص ، أي جائع مقرور ، ولا يقال للجوع بلا برد خرص . ويقال للبرد بلا جوع خرص . والخرص بالضم والكسر الحلقة من الذهب أو الفضة والجمع الخرصان . ويدخل في الخرص قول المنجمين وكل من يدعي الحدس والتخمين . وقال ابن عباس : هم المقتسمون الذين اقتسموا أعقاب مكة ، واقتسموا القول في نبي الله صلى الله عليه وسلم ; ليصرفوا الناس عن الإيمان به .

قوله تعالى : الذين هم في غمرة ساهون الغمرة ما ستر الشيء وغطاه . ومنه نهر غمر أي يغمر من دخله ، ومنه غمرات الموت . ساهون أي لاهون غافلون عن أمر الآخرة .

قوله تعالى : يسألون أيان يوم الدين أي متى يوم الحساب ; يقولون ذلك استهزاء وشكا في القيامة .

يوم هم على النار يفتنون
نصب يوم على تقدير الجزاء أي هذا الجزاء يوم هم على النار يفتنون أي يحرقون ، وهو من قولهم : فتنت الذهب أي أحرقته لتختبره ; وأصل الفتنة الاختبار . وقيل : إنه مبني بني لإضافته إلى غير متمكن ، وموضعه نصب على التقدير المتقدم ، أو رفع على البدل من يوم الدين . وقال الزجاج : يقول يعجبني يوم أنت قائم ويوم أنت تقوم ، وإن شئت فتحت وهو في موضع رفع ، فإنما انتصب هذا وهو في المعنى رفع . وقال ابن عباس : يفتنون يعذبون . ومنه قول الشاعر : [ ص: 34 ]


كل امرئ من عباد الله مضطهد ببطن مكة مقهور ومفتون
قوله تعالى : ذوقوا فتنتكم أي يقال لهم ذوقوا عذابكم ; قاله ابن زيد . مجاهد : حريقكم . ابن عباس : أي تكذيبكم يعني جزاءكم . الفراء : أي عذابكم الذي كنتم به تستعجلون في الدنيا . وقال هذا ولم يقل هذه ; لأن الفتنة هنا بمعنى العذاب
الجامع لأحكام القرآن »
سورة الذاريات »
قوله تعالى والسماء ذات الحبك  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المقحمات الباطل تعريفها في شريعة النووي

    تعقيب علي المقحمات يتبين من تعريف المقحمات بين النووي ومعاجم اللغة العتيدة أن النووي أخطأ جدا في التعريف { المقحمات مفتوح للك...